المسيرية… وقود الحرب المنسي في مشروع لا يشبه السودان….حوازم مقدم
لم يعد الصمت مقبولًا، ولا التجاهل ممكنًا، أمام الحقيقة المؤلمة التي تتكشف يوماً بعد يوم: أبناء المسيرية كانوا وقودًا لحرب لا تشبههم، ولا تشبه السودان الذي نعرفه.
تشير تقارير موثوقة إلى مقتل أكثر من 24 ألف من أبناء المسيرية ، بينما الدماء لا تزال تنزف في صمت. تُدفن الأجساد دون حتى نعش من كرامة، أو ذكر في بيان، أو عزاء يليق بالتضحية.
محلية الدبب وحدها فقدت أكثر من 15 ألف رجل. ترملت نساؤهم، وتيتم أبناؤهم، لا لشيء إلا لأنهم صدقوا أن هناك “دولة” تُبنى، وأن لهم فيها نصيبًا. لكن ما إن جاء إعلان ما يُعرف بـ”مكتب التأسيس” للحكومة الجديدة، حتى غاب اسم أي من أبناء المسيرية، وكأنهم لم يكونوا في الصفوف الأمامية للمعارك، ولم تُسفك دماؤهم على تراب هذا الوطن.
أيّ إهانة أكبر من هذه؟ أيّ وضوح أكثر من أن يُقال لكم صراحةً:
“أنتم أدوات، لا شركاء.”
الرصاصة التي تنطلق لا تعود إلى الزناد، لكنها تقتل. هكذا تعاملوا معكم. استُخدمتم كجنود، كدرع بشري، كأرقام في قوائم الشهداء، لكن دون ذكر، دون مقابل، ودون اعتراف.
إذا كانت لدى قيادات المسيرية بقية من وعي وكرامة، فعليهم أن يتوقفوا اليوم، ويراجعوا أنفسهم. أين التاج التجاني؟ الرجل الذي يحمل تاج الخراب لا المجد، لا يزال أعلى رتبة عسكرية وهي عقيد لم يحمل لهم يومًا حلاً و ولم ينحَز قضيتهم، ولا سعى لرفع الظلم عنهم. لم يدافع عن الأيتام، ولا عن الأرامل، ولا عن الذين يتسولون لقمة العيش في معسكرات النزوح.
لقد تماهى مع مشروع لا يشبهنا، مشروع يشتري فيه حميدتي الذمم بالأموال الإماراتية، ويوزعها على الساسة الهالكين والإدارات الأهلية الخانعة، مقابل المزيد من الدم.
أي تأسيس هذا الذي يتجاهلكم؟
أي “دولة” هذه التي تنكر دماء أبنائكم؟
أي حلم يركض خلفه بعض من أبناء المسيرية وهم لا يرون من الوطن إلا خنادق الموت وصفوف التهميش؟
يا أبناء المسيرية، إن لم تفهموا اليوم، فمتى؟
لم يُعوّض يتيم.
لم تُكرم أرملة.
لم يُبنَ بيت.
لم تُدفن جثةٌ بكرامة.
لقد تُركتم في العراء، بينما يُبشّرون بـ”السودان الجديد”، وهو السودان الذي لا يعرفكم، لا يعترف بكم، ولا يرى فيكم إلا بندقية مأجورة.
ومع ذلك، ما زال في اليد متسع.
عودوا إلى رشدكم.
ألقوا السلاح.
واكتبوا تاريخًا ناصعًا بأنفسكم، لا بالدم، بل بالوعي، وبالحق، وبكرامة الأرض التي ورثتموها.
علّموا أبناءكم أن يرثوا وطنًا لا يشبه مقابر الحرب، بل يشبه آمالكم القديمة.
السودان ليس مشروع فصيل، ولا دولة تُبنى على مليشيا.
السودان ليس هو الذي يتجاهلكم وأنتم من زرعتم ترابه بأجسادكم.
افتحوا أعينكم.
أنتم لستم أدوات.
أنتم أهل الأرض.
ولا أرض تقوم على إنكار من ضحوا لأجلها.
وافر الاحترام والتقدير

الرباعية.. لعبة الظلال وسر السلام المختفي ..رشان أوشي
الرباعية.. لعبة الظلال وسر السلام المختفيرشان أوشي حالياً، أصبح على السودانيين توقع أي شيء…