همس الحروف*الجنرال المدفعجي في الميدان بنهج مختلف لإدارة ولاية تواجه التحديات ، ومن دنقلا تبدأ رسائل الاستقرار✍️ د. الباقر عبد القيوم علي
نحن نتابع عن كثب الإشاعات المغرضة وتصاعد الأصوات المقلقة بشأن الوضع الأمني في دنقلا ، وعلماً أن هذه الإشاعات معلومة الهدف و محددة المعالم ونحن نعلم تمام العلم من يقوم بترويجها ، وهنا يبرز سلوك والي الولاية الشمالية ، الفريق ركن عبد الرحمن عبد الحميد إبراهيم كمؤشر عملي على استقرار الواقع ، ورفض الانسياق خلف التهويل غير المستند إلى وقائع ، وما يؤكد هذا الأمر هو الظهور العفوي للسيد الوالي وهو يتجول على دراجة هوائية (عجلة) في شوارع المدينة دون حراسة أو مرافقة بروتوكولية ، ومع أن الأمر في أصله هو ممارسة هواية الرياضة ، إلا انه رسالة سياسية واضحة مضمونها الطمأنينة والثقة ، موجهة للشارع أولاً ، ولمن يروجون للفوضى ثانياً .
هذا النوع من القيادة الذي يربط بين القول والفعل ، يؤسس لحالة نادرة من الانسجام بين السلطة والمجتمع ، لا خطابات مطولة ، ولا استعراضات إعلامية ، والبيان الحقيقي يكون بالعمل من خلال الممارسات اليومية التي تبعث برسائل ملموسة ، وذلك ما يجعل حضور الجنرال (المدفعجي) كما يحب أهالي الشمال تسميته ، مختلفاً عن كثير من المسؤولين في تجارب سابقة .
منذ لحظة تعيينه ، كان موقف الفريق عبد الرحمن واضحاً فيما يتعلق بتوحيد السلاح تحت مؤسسات الدولة الرسمية ، ولا مكان في رؤيته لأي تشكيلات عسكرية تعمل خارج إطار القوات المسلحة أو المقاومة الشعبية المنضبطة ، وهذا موقف ثابت يحدد ملامح الرجل وهويته ، وإتساقاً لرؤيته فقد أتت توجهات الدولة العليا كما أراد ، وإتضح ذلك جلياً من خلال تصريحات السيد الفريق اول ركن عبدالفتاح البرهان الأخيرة ، إذ يمثل رأي هذا الجنرال حجر الزاوية لمشروع إصلاح حقيقي في السودان ، سواء في الولاية الشمالية أو عموم السودان .
بعيداً عن الشعارات تنعكس ملامح الأداء الفعلي في قرارات ملموسة بدأت تُحدث فارقاً في واقع الولاية ، من إستنهاض البنية الإدارية ، وضبط الأداء الخدمي ، وتعزيز ثقة المواطن في مؤسسات الحكم المحلي ، وضبط المظهر العام للشارع و إظهار هيبة الدولة في كل ركن من أركان الولاية، وذلك وفق الإمكانيات المتاحة .
وهذه الجوانب هي مشروع من عمل طويل المدى لا يحتاج للضجيج بقدر ما يتطلب وضوح الرؤية وثبات التنفيذ ، وهي سمات لمسها المواطنون من خلال تعامل الوالي مع الملفات المعقدة التي تريد حسم فوري لا يقبل المزايدة .
ورغم حجم التحديات التي تواجه الولاية الشمالية ، سياسياً ، وأمنياً ، وخدمياً ، إلا أن أسلوب العمل الهادئ والفعال يمنح الأمل بأن ثمة مساراً إصلاحياً جاداً قيد التشكل ، ونجاح هذا الأمر لا يُقاس بسرعة الإنجاز ، بقدر ما تُغلق فيه منافذ الفوضى وتُفتح مسارات الاستقرار والبناء بثقة و ثبات .
ما يحتاجه السودان عموماً في هذه المرحلة ، والولاية الشمالية على وجه الخصوص ، ليس الوعود البراقة ولا الحملات الموسمية ذات الطابع العنتري ، ولكننا نحتاج إلى مسؤولين قادرين على العمل بصمت ، وفرض الانضباط ، وخلق بيئة تنموية قائمة على القانون والعدالة .. وفي هذا الإطار ، تبدو تجربة الجنرال عبد الرحمن عبد الحميد جديرة بالمتابعة والتقييم الجاد .
فمن المؤكد أن أي مشروع وطني لا ينجح دون قادة يدركون طبيعة اللحظة ، ويملكون الإرادة في اتخاذ القرارات الصعبة ، ومن المؤشرات الراهنة ، يبدو أن الولاية الشمالية قد وجدت في قائدها الجنرال المدفعجي أحد هؤلاء .
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل

الرباعية.. لعبة الظلال وسر السلام المختفي ..رشان أوشي
الرباعية.. لعبة الظلال وسر السلام المختفيرشان أوشي حالياً، أصبح على السودانيين توقع أي شيء…