عمار عبد الوهاب يكتب..معركة الكرامة وضرورة استعادة العلاقات مع اثيوبيا!

قد يقول قائل، كيف “استعادة العلاقات مع الجارة إثيوبيا” وأصلا توجد علاقات حاليا ولدينا سفير وسفارة وملحقية عسكرية وأمنية وكادت أن تكون هنالك محلقية إعلامية لولا خلافات داخل الحكومة؟!
نعم صحيح كل ما ذكر، ولكن هل العلاقات الآن في المستوى الذي كانت فيه قبل عشر سنوات عندما كان السفير الحالي هو ذاته نائبا لرئيس البعثة؟! الإجابة، لا!
إذن نحن في ظروف مختلفة، الرجال هم الرجال، ولكن الاوضاع ليست كما هي.
إذن عودة الكفاءات في المحطات الخارجية مثل السفير الزين في أديس مؤشر تعافي ولكن ليس دليلا على اكتمال التعافي.
للأسف وصل التدهور مع إثيوبيا أن استقبلت قائد المليشيا المزعوم وفرشت له البساط الأحمر، وهو يقتل السودانيين ويحاصر قيادة الجيش.
هل يوجد تحسن؟ نعم يوجد، ومن المؤكد أن زيارة أبي أحمد لرئيس مجلس السيادة في بورتسودان هي إعلان للتراجع من الوقوف مع المليشيا، ولكن يبقى الإعلان (إعلان) ما لم تتطور العلاقات السياسية والإقتصادية والأمنية، وتعود كما كانت.
ثمة تحولات استراتيجية تبدو جلية في معركة الكرامة التي تخوضها القوات المسلحة السودانية ضد مليشيا الدعم السريع خاصة وأن الحرب في بدايتها اختزلت بأنها حرب بين جنرالين أو هكذا روجت بعض الدوائر محلية وإقليمية وعالمية.
الثابت أن دولة الإمارات تولت كبر هذا العدوان وإن كان من خلف ستار، ولكن مع فشل المليشيا ازداد وضوح الدعم الإماراتي لها، لانها ترغب في انقاذها بأي طريقة للدرجة التي زجت بجنودها في السودان ليلقوا مصيرهم، وهو ما أثبته كاميرون هدسون في تقرير أمام الكونغريس، وأورد فيه مقتل الضباط الإماراتيين في نيالا، وبعدها صار خبرا دوليا بل جزء من مداولات الكونغريس الأمريكي.
الخطورة هنا، أنه طالما أجبرت الظروف الإمارات على الظهور العلني السافر المعادي للسودان، فإنها قد تضغط مجددا على إثيوبيا حتى لا تكون وحيدة، وعليه الخطر لا يزال كامنا.
تطور ملف الحرب على السودان وهنا نسمي الأشياء بمسمياتها فهي محاولة جادة تقوم بها كثير من الدوائر والدول لاحتلال السودان ونهب موارده وما الدعم السريع الا مجرد وقود لهذه الحرب.
أكثر من 15 دولة لعبت دورا كبيرا في استمرارية الحرب والآلاف من مواطني بعض هذه الدول –بكل أسف- يقاتلون جنبا إلى جنب مع المليشيا، وهذا ما يلزمنا بالحديث عن العلاقة مع دول الجوار الافارقة، وما يؤكد خطورة ملف
العلاقة مع اثيوبيا، وأنها مرت بمراحل سيئة، ليس استقبال قائد المليشيا رسميا بل رعاية عناصر المليشيا و تحركاتهم وتوفير المقر الآمن للغطاء السياسي لهم، تقدم وواجهاتها، ولا تزال.. نعم لا تزال.
للأسف تهريب المسيرات ودخول القناصة والمرتزقة، صار خبرا عاديا بالنسبة للمضابط الأمنية على الحدود السودانية الإثيوبية.
ملفات أمنية عديدة تستلزم مراجعة علاقتنا مع اثيوبيا، نعم صحيح ابقينا على شعرة معاوية، وهو ذكاء سوداني وحكمة مذهلة، وهنالك زيارة من مدير المخابرات الأثيوبية السودان ولكن التلاعب مستمر من طرف إثيوبيا.
اذن أمام بعثتنا تحدي أمني كبير، وهنا المسئولية ليست على السفير الزين ابراهيم وحده، الملحقية الأمنية والعسكرية ومسئولي الملف في الخارجية وفي المخابرات، وقبل كل ذلك الدبلوماسية الرئاسية.
لحسن الحظ ثبت ان اختيار السفير الزين كان صائبا والدليل هو نجاحه في الحفاظ على تنسيق محكم وخطوط مفتوحة بين كل اطراف الملف المعقد الشائك، ولكنني اعتقد أن العدو يتطور وهو عدو “ثري” يشتري الذمم في الدول الافريقية، ولا أستبعد أنه يدير الملف السوداني داخل إثيوبيا أو يستطيع أن يستعيد إدارته.
لكي لا ننسى “ملف مياه النيل” وليس بعيدا عنا الوثيقة المزعومة المسربة عن اتفاق سري سوداني إثيوبي على قضايا تتعلق بسد النهضة، والمقصود طبعا افساد العلاقة بين مصر والسودان، وتعطيل خطوات التقارب التي حدثت مؤخرا والتي شهدت وحدة الموقف المصري السوداني، والمدهش أن التسريب جاء عبر قناة الجزيرة وليس مواقع محسوبة على الإمارات، ألم أقل لكم أن الملف خطير والمفسدون فيه أكثر من المصلحين.
هناك دور شعبي لا ننساه، وفيه مجهودات المكتب التنفيذي الجالية السودانية برئاسة الشقيق خالد كرم، ولا أدري كيف نجحوا في مواجهة الكم الهائل من الزائرين السودانيين في إثيوبيا، وأقول زائرين لأنهم يقيمون وفق فيزا سياحية باهظة الثمن ولم تحدث لهم التسهيلات التي حدثت للسودانيين في مصر، ولا ليبيا ولا عمان ولا السعودية.
على مجلس السيادة النظر بعين الاعتبار لاعادة واحياء مجلس الصداقة الشعبية في السودان لما حققه من نتائج طيبة في تجسير الهوة بين العلاقات عندما تتوقف الديبلوماسية الرسمية.
في الختام لا بد من استباق العودة الكاملة للعلاقات مع اثيوبيا باحكام ملف الاثيوبيين في السودان مع ضرورة العمل على توفيق اوضاعهم، فقد يعودوا بالتهريب كما كان يحدث، خاصة عمال الزراعة في الحدود المفتوحة، بل الحقيقة بدأ هذا في المشاريع شرق السودان، وربما نحتاج الى نقاش وحوار مع السفير الزين ابراهيم وأركان بعثتنا في أديس أبابا وقنصليتنا في اصوصا لو كانت لا تزال موجودة.
الرباعية.. لعبة الظلال وسر السلام المختفي ..رشان أوشي
الرباعية.. لعبة الظلال وسر السلام المختفيرشان أوشي حالياً، أصبح على السودانيين توقع أي شيء…